جاء تكوين حركة فتح ردا على نكبة 48 وما تلاها من أحداث ولدت في النفوس شعورا بالمرارة من عدم قدرة الزعامات الفلسطينية التقليدية على التحرك في ظل تلك الظروف وشعورا بخطر ذوبان الطلائع في التنظيمات القطرية العربية التي انشغلت بمشكلاتها القطرية أكثر من انشغالها بقضية فلسطين وقد دفع إلى تشكيلها نجاح الكفاح المسلح الأول في قطاع غزة 53 _ 55م وصمود جماهير المدينة للعدوان الصهيوني عام 1955م وتعززت ثقة المجموعات التي شكلت فتح بانطلاقة الثورة الجزائرية وبهزيمة العدوان الثلاثي على مصر في حرب 1956م وبقيام الوحدة السورية و المصرية وبثورة العراق عام 1958م وازدهار النشاط القومي العام .
وبالمقابل كان للانتكاسات التي تعرض لها مسار النضال القومي واتساع رقعة الخلاف بين الأنظمة العربية في أوائل الستينات اثر في نفوس المجموعات التي شكلت تنظيم فتح إذ أكدت ضرورة التحرك فلسطينيا دون انتظار اتفاق الأنظمة العربية على خطة ما لتحرير فلسطين في وقت كان يسيطر فيه على الرأي العام العربي شعار يقول إن الوحدة هي طريق فلسطين ولذا يجب البدء بالنضال من أجل الوحدة وتأجيل العمل المباشر لتحرير فلسطين لكن الفتح قالت كلمتها بان النضال القطري أساس النضال القومي والطريق إلى الوحدة تمر عبر تحرير فلسطين وهي النظرة الوحيدة الصائبة التي جعلت الاحتلال الإسرائيلي يؤمن بوجود مقاومة حقيقية وعنيفة تردعه من الأراضي الفلسطينية حتى لا يكمل استيطانه على كل الأراضي الفلسطينية ويقوم بترحيل الفلسطينيين من أراضيهم المقدسة التي هي حقا لهم فكانت حركة فتح في ذلك الوقت لها الدور الأكبر والأهم في الوجود الفلسطيني العربي الحالي وحتى لا يطول انتظار الوحدة العربية وينسى اسم فلسطين فقد أعادت حركة فتح الحق لأهله ولشعبها الفلسطيني كلمته وقوته من خلال عملياتها الفدائية والعسكرية التي ضربت صفوف الكيان الصهيوني وسببت له حالات الصرع والخوف الذي نسي شيء اسمه مقاومة في تلك الأيام وكان أمله الوحيد في بناء دولته هو اختلاف وجمود العرب وانشغاله بمشاكله الداخلية التي هي من أصل صهيوني بحت فجاءت حركة فتح شوكة في حلوق الصهاينة تدعو كل مناضل شريف للمساهمة في تحرير فلسطين وتوحيد العرب تحت راية واحدة فوجدت إقبالا كبيرا جدا من داخل الأراضي الفلسطينية خاصة وباقي الأراضي العربية عامة فتلقت الدعومات المادية والعسكرية والمعنوية من بعض الدول العربية فمنذ أن انطلق الرصاص العيلبوني يخترق جدار الصمت والركوع العربي ويقرع أبواب الوطن بعنف رهيب بدأت صياغة التاريخ تكتب بأحرف من نور ونار وتلاقي الجمع الفتحاوي محاولا كسر دوائر الوصاية والتبعية والردة العربية ، فتسابق المتشدقون إطلاق أسهمهم يمينا ويسارا .. متهمين مولودنا الفتحاوي بالتبعية تارة وبالتوريط تارة أخرى ، ولكن هذا المولود لم يلتفت لكل ذلك معلنا انه اتكالا على الله بدأنا مشوار التحرير ، لتصبح بعد ذلك ساحات الوطن أجمع ميادين يركع لها التحرير ، وانطلاقنا غير آبهين بالملاحقة والحصار وكل ألوان التضييق والأسر والقتل .
فمولود الفتح .. لم يكن مغامرة غير محسوبة ولا تلبية فقط لنداء العاصفة .. بقدر ما كانت خطوات محسوبة النتائج .. تدلل على ابتسامة تيار الوعي من بين جموع الفلسطينيين ومخيمات الشتات .. انه من أجل فلسطين انطلقت فتح .. لتسلك النهج الثوري البناء بعيدا عن العاتقة والارتجال .. وبدأ الدم الفلسطيني يسري بغزارة في عروق الفتح وكانت ملحمة الكرامة أسطورة في تاريخ النضال الفلسطيني ، استطاع خلالها ثلاثمائة مقاتل أن يخوضون أشرس معركة بعد حرب حزيران ويجبروا قطعان الصهاينة على التراجع بعد أن الحق فيهم أفدح الخسائر ، وكانت الكرامة انطلاقة نوعية للعمل الفتحاوي أثبت بها المقاتل والقائد معا لا رجعة عن تحرير فلسطين وان مكان القائد الحقيقي هو ساحة المعركة وليس الأوامر .. واستمرت معركة النضال بكل أشكاله .. وبسطت الفتح نفوذها الشرعي المستمد من العمل النضالي وأخرجت منظمة التحرير الفلسطينية التي كان يرأسها احمد الشقيري من السيطرة والاحتواء العربي وأجبرت القيادات العربية على الاعتراف بذلك ليقول عنها جمال عبد الناصر .. إن فتح هي أنبل ظاهرة عرفها التاريخ حيث وصل حجم عمليات هذا العملاق الفتحاوي في السنوات الأولى من الانطلاقة اكثر من 250 عملية شهريا مما دفع الكيان الصهيوني أن يضعوا قادة الثورة الفلسطينية على قائمة المطاردة والتصفية واكتملت حلقة المؤامرة بإيعاز الملك حسين على أمل تصفية الوجود المسلح في الأردن .. وحدثت مجازر عجلون وجرش لتحرم الثورة من أكبر خط للمواجهة مع الأعداء ، واستمرت الفتح من خلال نقل القضية الفلسطينية بأبعادها إلى الساحة العالمية وذلك عبر تنفيذ عملية مطار ميونخ الفدائية وحتى كان الهدف منها إطلاق سراح معتقلينا البواسل وتم تكوين منظمة أيلول الأسود للرد على جرائم النظام الأردني بحق الشعب الفلسطيني .. وكان ردا عاصفا .. وتواصلت خطواتنا العسكرية والسياسية معا لنجد في تاريخ الفتح أنها نزعت اعتراف العرب بسرعة ، ليصل الصوت الفتحاوي إلى الأمم المتحدة ويعلن فارسنا مؤسس الحركة ياسر عرفات ( أبو عمار ) ... ها أنا جئتكم حامل غصن الزيتون بيد والبندقية باليد الأخرىفلا تسقطوا غصن الزيتون من يدي .
وكانت ملاحم سافوي من كبرى عمليات الفتح لنقل الصراع إلى زخم من نوع آخر من خلال هذه العمليات البطولية التي ألحقت بالأعداء خسائر شتى .. ليصل بنا الموكب إلى عملية الساحل البطولية التي استطاع الفرسان من خلالها أن يحظوا بركوع المجد لهم .. فترجل هؤلاء النشامى .. واختطفوا حافلتين للأعداء .. وتم الإشتباك على ارض الوطن .. لتقف دلال المغربي .. تلك الفتاة التي سجلت أفضل صفحات عرفتها الإنسانية وعرفها التاريخ .. وتمكن هؤلاء الفرسان من قتل وجرح اكثر من 120 صهيوني وجاء الرد باجتياح الليطاني والتي صدمت به الثورة واستطاعت أن تجسد الأعداء على طلب وقف إطلاق النار وخاضت الفتح متعملقة .. حرب المدافع في عام 81 حيث كانت المستعمرات الصهيونية بالشمال تعيش حالة القصف اليومي للكتيوشا الفتحاوية الفلسطينية .. لنصل إلى بيروت البطولة والعنفوان .. وكانت المواجهة التي استبسل فيها أشبال ورجال الفتح .. واستمرت المعارك في بيروت لتعتبر أطول حرب عربية صهيونية ويسطر الصمود الأسطوري في قلعة الشقيف ، وقدمت حركة فتح من خيرة قادتها شهداء في سبيل فلسطين أمثال أبو جهاد وأبو علي اياد وصلاح خلف وسعد صايل وكمال عدوان وأبو الهول وأبو المنذر وأبو الوليد وماجد أبو شرار والشهيد الفسفوري وأبو يوسف النجار ودلال المغربي وممدوح صبري وأحمد سلامة و وشهداء الفهد الأسود وصقور الفتح وجناح العاصفة الكثيرين اللذين نطلب من الله لهم الجنة ونعيمها وازدادت فروع الفتح لتنمو في جميع أرجاء الوطن العربي ولتتأسس فيها المجموعة تلو الأخرى وكل يتنافس كيف يقضي على عدوه ويعيد لفلسطين والعرب كافة شرفهم المسلوب فانطلق الذراع الطلابي لحركة فتح ما يعرف باسم حركة الشبيبة الطلابية عام 82 التي أطلق عليها مؤخرا اسم كتلة الشهداء لكثرة الشهداء التي قدمتهم فداءا لفلسطين.
فالشبيبة هي:-
* حركة رواد العمل المبدع لكل الطلبة .
* هي الصوت الحر والشجاع لكل الطلبة .
* هي حركة رفضت السكون ولم تقبل الخمول والكسل ولم ترض الانزواء و العزلة .
* هي حركة ربط بين أعضائها قانون المحبة والإخلاص والإيثار ونمى فيهم شعور بالوفاء والصدق والأمانة والقدوة والأخوة .
* هي حركة حولت الأكف الممدودة والمستسلمة والعاجزة إلى أيادي صلبة متينة قوية مشدودة على الزناد، وصوبت بندقيتها منذ انطلاقتها إلى صدور الأعداء المحتلين .
* هي حركة اهتمت ببناء كوادرها بناء وطنيا عبر التثقيف والتربية وعبر القدوة المستمدة . من قادتها الشهداء الأبطال .
* هم أبناء شعب الجرحى والأسرى و الشهداء .. شعب الصمود والتحدي والمقاومة .
* هي الذراع الطلابي لحركة فتح وحركة فتح هي حركة الشعب الفلسطيني وحركة الثورة الفلسطينية المعاصرة .
* هي حركة لكل طلبة المستقبل وطلاب الغد .
وتفتخر حركة فتح بشعار _ أنت قائد فأنت جندي _ ولم يكن مجرد شعار بل وجد التطبيق على ارض الواقع في استشهاد أحد عشر جنديا من أبناء لجانها المركزية المتعاقبة بالإضافة إلى عدد كبير من كوادرها وقادتها الشيء الذي ندد مثيله في الثورات الأخرى ولكنه وبكل حسرة و أسف نؤكد انه قد تناصف اخوتنا العرب مع الموساد الإسرائيلي في تصفية معالم الثورة الفلسطينية اللذين يحملون شعار العزة والكرامة وأبوا الخضوع والركوع لغير الله تعالى وكانت لهم ذكريات مؤلمة في صدور العدو الصهيوني لا يزال تأثيرها حتى الآن فشعب دعائمه الجماجم والدم تتحطم الدنيا ولا يتحطم